قصة نهاية شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فقد علمنا الله في كتابه العزيز.. أن في القصص عبرةً للمعتبرين وعظةً لأولي الألباب..وهنا سنستعرض قصصا تبين نصرة الله عز وجل .. لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم في الدنيا .. ممن أساء إليه وسعى في حربه .. عبر السبِ والشتمِ وسلاطةِ اللسان ..
هي 20 قصة في عقوبة الله عز وجل للمستهزئين برسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد اخترتها من بين الكثير مما حدث منها على مدى 1400سنة علها تكون عبرة لمعتبر وإنذاراً لمعتدي وسلوة لمحزونوطريقا لنصرة نبي الرحمة المهداة على منهج القرآن في الرد على المستهزئين والذي حدده الله عز وجل في قوله تعالى : [فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ(94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ(95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ(99) ]. {الحجر}.
فتدبر هذه الآيات إن رمت الطريق في نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم

1
كيف مات أبو لهب ؟
قصةُ  أولِ شاتمٍ للرسول صلى الله عليه وسلم …وكيف كانت نهايتُه عبرةً لكل من أساء لنبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم…
فبعد ثلاثِ سنينَ من الدعوة سرا .. صدر الأمر الإلهيُّ لنبينا محمدا صلى الله عليه وسلم .. بالجهر بالدعوة .. وإنذارِ الأقربين.. فسارعَ نبيُّنا لتنفيذ أمر ربه ..
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البطحاء يوما وصعِد جبل الصفا…، ونادى واصباحاه … فاجتمعت إليه قريش ..، فقال لهم أرأيتم إن حدثتكم أن العدوَّ مصبحُكم أو ممسيكُم أكنتم تصدقوني؟.. قالوا نعم.. : قال : فإني نذير إليكم بين يدي عذاب شديد.. . فقال له عمُه أبو لهب.. ألهذا جمعتنا ؟.. تبا لك .
فتوعده الله بالتباب .. والخسار بسورة المسد..وهذا ماحدث .. حيث مات على الكفر ليخلد في النار في الآخرة ..كما كانت خسارتُه بانتصار دعوةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وانتشارِها.. وكذا عقوبتُه بهذا التشهيرِ بسورة تتلى في ذمِّه والدعاءِ عليه إلى يوم القيامة
وكانت نهايتُه في الدنيا بئيسةً خاسرة، .. حيث رماه الله بمرض تسميه قريشٌ “العدسة”.. وهى بثرةٌ تشبه العدسةَ..  ولعله مرضُ الجدري،.. وكانت قريشٌ تتقي هذا المرضَ ..كما تتقي الطاعون،.. ويرون أنه  يعدي أشد العدوى.. فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه.. وما أغنوا عنه شيئا .. وبقى بعد موته ثلاثةَ أيام لا تقرب جثته.. ولا يحاول أحدٌ دفنَه ..خشيةَ  العدوى.. حتى أنتن في بيته.. فلما خاف أبناؤُه سبَ الناسِ لهم ..اضطروا  إلىغسلِه قذفا بالماء من بعيد.. مخافةَ عدوى العدسة ،.. ثم ألقوه في مكان وقذفوا عليه الحجارة …
وفي رواية  أن أبناءَه  لما خافوا العار.. استأجروا بعضَ الناسِ فاحتملوه ودفنوه ..
وفى رواية أخرى أنهم حفروا له حفرةً ودفعوه بعود حتى وقع فيها.. فقذفوه بالحجارة حتى واروه…
وهكذا كانت نهايةِ أولِ شاتمٍ لنبينا صلى الله عليه وسلم ..
2
أسد يثأر للرسول صلى الله عليه وسلم
لقد نشأ أهل بيت أبي لهب على طريقته في حرب دين الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم بلا مراعاة لقرابة ولا نسب ولا حياء ولا خلق, فكانت زوجة أبي لهب تضع الأذى في طريق النبي  وأصحابه، تروح وتغدو.. تنقل الشائعات.. وتثير الفتن وتمشي بالنميمة تبتغي الوقيعة بالمسلمين
وكان الابن “عتبة بن أبي لهب” من أشد المتطاولين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد بلغ من جرمه وعدوانه أنه كان مع والده أبي لهبٍ قد تجهزا في تجارة إلى الشام،.. ،.. فقال عتبة ابن أبي لهب: والله لأنطلقن إلى محمد ولأوذينه في ربه،.. (سبحانه)..
فانطلق حتى أتى النبيَ صلى الله عليه وسلم..، وقال له ،.. أنه يكفر بالذي دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى…
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم ابعث إليه كلبا من كلابك”…
ثم انصرف ابنُ أبي لهب ورجع إلى أبيه فقال أبولهب لابنه: يا بني، ماذا قلتَ له ؟ .. فذكر له ما قاله للنبي صلى الله عليه وسلم..،
قال: فما قال لك ؟.. قال: قال: “اللهم سلط عليه كلبا من كلابك”.. قال: يا بني، والله ما آمن عليك دعاءَه…
قال الراوي : فسرنا حتى نزلنا الشراة،.. وهي مأسدة،.. ونزلنا إلى صومعةِ راهب،.. فقال الراهب: يا معشرَ العرب ، ..ما أنزلكم هذه البلاد ؟.. فإنها تسرح الأُسد فيها كما تسرح الغنم؟ .. فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم كبرَ سني وحقي،.. وإن هذا الرجلَ قد دعا على ابني دعوةً – والله- ما آمنُها عليه..
فطاف بهم الأسد، فجعل عتبة يقول: يا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا محمد علي، قتلني محمد وهو بمكة وأنا بالشام، لا والله ما أظلت السماء، على ذي لهجة أصدق من محمد ،.. ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه ثم جاء النوم، فحاطوا أنفسهم بمتاعهم ووسطوه بينهم، وناموا فجاء الأسد يهمس يستنشق رؤوسهم رجلا رجلا، حتى انتهى إليه ، وقال هبار: فجاء الأسد فشم وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقابض ثم وثب، فإذا هو فوق المتاع فشم وجهه ثم ضربة ضربة ففضخ رأسه فقال وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم أن محمدا أصدق الناس ؟ ومات فقال أبو لهب،: ألم أقل لكم أني أخاف عليه دعوة محمد ؟ قد والله عرفت أنه ما كان لينفلت من دعوة محمد.
3
غلامانِ يقتصانِ للرسول صلى الله عليه وسلم
أبو جهل .. هو عمرو بن هشام الخزومي حامل لواء الكفر في مكة.. وفرعون هذه الأمة.. وأكثر الكفار معاندة ومحاربة للرسول وأكثرهم طعناً وشتماً وسباً له صلى الله عليه وسلم،.. قضى حياته كلها في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن اسحق: مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا. فآذاه ونال منه, ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد. وبلغ الخبر حمزة. وهو عائد من القنص متوشحاً قوسه. وكان يسمى : أعز قريش. . فدخل المسجد- وأبو جهل جالس في نادي قومه – فقال له حمزة:. تشتم ابن أخي وأنا على دينه. ثم ضربه بالقوس فشج رأسه .
فثار رجال من بني مخزوم. وثار بنو هاشم. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة. فإني سبيت ابن أخيه سباً قبيحاً.
فعلمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز… فكفوا عنه بعض ما كانوا ينالون منه.
فكيف كانت نهاية أبي جهل؟
قال عبدِ الرحمن بنِ عوف رضي الله عنه : بينما أنا واقف في الصف يومَ بدر … نظرتُ عن يميني وشمالي .. فإذا أنا بين غلامين من الأنصار. . حديثةٌ أسنانُهُما .. تمنيتُ لو كنت بين أضلعَ منهما .. فغمزني أحدهما. فقال : ياعم !.. هل تعرف أبا جهل ؟ ..قال : قُلتُ : نعم .. وماحاجتك إليه يا ابن أخي؟.. قال: أُخبرتُ أنه يَسُبُّ رسول الله .., والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يُفارق سوادي سوادَه حتى يمُوت الأعجلُ منَّا… قال: فتعجبت لذلك … ثم غمزني الآخرُ فقال مثلها.. .قال : فلم أنشبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل يزُول في الناس.. . فقُلتُ : ألا تريَان ؟.. هذا صاحبُكُما الذي تسألان عنه .. قال: فابتدراهُ , فضرباهُ بسيفيهما , حتى قتلاه … ثُم انصرفا إلى رسول الله . فأخبراهُ … فقال “أيُّكُما قتلهُ ؟.. “فقال كُلُّ واحد منهما : أنا قَتَلتُ . فقال : هلْ مسحتُما سيفَيْكُما ؟ ” قالا : لا .. فنظَرَ في السيفين فقال”كلاكُما قَتَلهُ”.. (والغلامانِ هما : مُعاذ بنُ عُمرو بنِ الجمُوح ومُعاذُ بنُ عفراء)
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ” من ينظر ماذا صنع أبو جهل ؟ ”
قال ابن مسعود : أنا يا رسول الله . فانطلق فوجده في آخر رمق. فأخذ ابن مسعود بلحية أبي جهل وقال: هل أخزاك الله ؟ ثم وضع رجله على عنق أبي جهل ثم قطع رأسه .
وهكذا كانت نهاية فرعون هذه الأمة ولعذاب الآخرة أشد وأبقى

4
تيس يقتل ابنَ قمئة
في غزوة أحد وبعد استغلال خالد بن الوليد لنزول الرماة عن الجبل والتفافه على جيش المسلمين ثم حصار المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وقتل سبعة ممن كان يدافع عنه من المسلمين حتى لم يبق حول النبي – صلى الله عليه وسلم- سوى رجلين هما طلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبى وقاص، فكانت لحظات عصيبة وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلىحياة رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وفرصة ذهبية للمشركين، ولم يتوان المشركون في انتهاز تلك الفرصة، فقد ركزوا حملتهم على النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-،وطمعوا في القضاء عليه وبالفعل، رمى عتبة بن أبى وقاص الرسول بالحجارة، فوقع على الأرض، وكسرت رباعيته السفلى اليمنى، كما أصيبت شفته بكدمة أليمة، وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري، فشجه في جبهته، وأسال الدم على وجهه، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسوله. ثم ما لبث فترة فتحركت الرحمة في قلبه فعاد يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وجاء عدو الله عبد الله بن عبد الله بن قمئة ، فضرب النبي – صلى الله عليه وسلم- على عاتقه ضربة عنيفة، ظلت تؤلمه شهرًا كاملا، لكن ابن قمئة لم يستطع أن يهتك الدرعين، فعاود بضربة شديدة على وجنته – صلى الله عليه وسلم- حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر الذي يَستر به النبي وجهه في وجنته، وقال: خذها وأنا ابن قمئة ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم- وهو يمسح الدم عن وجهه : أقماك الله.
وفى هذه الأثناء كان سعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله يقاتلان قتال الليوث دفاعًا عن النبي – صلى الله عليه وسلم- فأما سعد فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يأمره بالرمي، وكان ماهرًا به ، داعيًا له بقوله: ارم فداك أبي وأمي، وأما طلحة فإنه قاتل بضراوة حتى وجد سيفًا يوشك أن يصيب النبي – صلى الله عليه وسلم- فاتقاه بيده، فقطعت أصابعه، وجرح يومها بضعًا وثلاثين جرحًا، حتى خرّ ساقطًا بين يدي النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم بدأ الصحابة يتجمعون حول رسول الله من جديد حتى فكوا الحصار عنه صلى الله عليه وسلم.
ثم لحق حاطب بن أبي بلتعة بعتبة بن أبي وقاص ـ الذي كسر الرَّباعية الشريفة ـ فضربه بالسيف حتى طرح رأسه، ثم أخذ فرسه وسيفه.
وقاتلت أم عمارة.. فاعترضت لابن قَمِئَة في أناس من المسلمين، فضربها ابن قمئة على عاتقها ضربة تركت جرحاً أجوف، وضربت هي ابن قمئة عدة ضربات بسيفها، لكن كان عليه درعان فنجا.
فلما عاد ابن قمئة لأهله بعد الغزوة خرج إلى غنمه ليرعاها فوافاها على ذروة جبل شامخ فشد عليه تيس فنطحه نطحة أرداه بها من شاهق الجبل فسقط أسفله متقطعا.
وهكذا كانت نهاية هذا المجرم .. الذي حاول قتل رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد وفي القيامة ينتظره أن يتردى في جهنم خالدا فيها مخلدا.
5
سلا الجزورِ على ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال..: بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يصلى عند البيت.. وأبو جهل وأصحابٌ له جلوس .. وقد نُحرت جزورٌ بالأمس.. فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزورِ بني فلان .. فيأخذه فيضعه في كتفي محمدٍ إذا سجد ؟..
فانبعث أشقى القومِ فأخذه .. فلما سجد النبي – صلى الله عليه وسلم – وضعه بين كتفيه, .. قال فاستضحكوا .. وجعل بعضُهم يميل على بعض..
قال ابن مسعود وأنا قائمٌ أنظر… لو كانت لي مَنَعةٌ لطرحتُه عن ظهرِ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم..- والنبيُ – صلى الله عليه وسلم – ساجد ما يرفع رأسه .. حتى انطلق إنسانٌ فأخبر فاطمة .. فجاءت وهي  بنت صغيرة فطرحته عنه… ثم أقبلت عليهم تشتمهم.. فلما قضى النبي – صلى الله عليه وسلم – صلاتَه.. , رفع صوته ثم دعا عليهم , وكان إذا دعا دعا ثلاثا… وإذا سأل سأل ثلاثا.. ثم قال ..« اللهم عليك بقريش »…« اللهم عليك بقريش »…« اللهم عليك بقريش »… , فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك.. وخافوا دعوتَه ثم قال ..« اللهم عليك بأبي جهلِ بنِ هشام ..وعتبةَ بنِ ربيعة.. وشيبةَ بنِ ربيعة.. والوليدِ بنِ عقبة.. وأميةَ بنِ خلف.. وعقبةَ بنِ أبى معيط ».. وذكر السابع ولم أحفظه.. فوالذي بعث محمدا – صلى الله عليه وسلم – بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يومَ بدر.. ثم سُحبوا إلى قليبِ بدر) رواه مسلم
وعن عمرِو بن العاص رضي الله عنه قال: ما رأيت قريشا أرادوا قتلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلا يوما ائتمروا به وهم جلوسٌ في ظلِ الكعبة.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام.. فقام إليه عقبةُ ابنُ أبي معيط .. فجعل رداءَه في عنقِه.. ثم جذبه حتى وقع على ركبتيه.. وتصايح الناس.. وظنوا أنه مقتول.., قال وأقبل أبو بكرٍ يشتد ..حتى أخذ  برسولِ الله صلى الله عليه وسلم من ورائِه وهو يقول:.. أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟.. ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلما قضى صلاتَه ..مر بهم وهم جلوسٌ في ظل الكعبةِ فقال.. يا معشَر قريش.. أما والذي نفسي بيده .. ما أُرسلتُ إليكم إلا بالذبح.. وأشار بيدِه إلى الحلق ..
فقال له أبو جهل ..يا محمد ما كنت جهولا.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت منهم) .
فأُسر عقبةُ بنُ أبي معيط ٍ في بدر.. وأَمر به النبيُ صلى الله عليه وسلم لتُضربَ عنقُه.. ولما قدموه للقتل ،.. قال يا معشر قريش.. علامَ أُقتلُ من بينِ من هنا ..؟ قال عاصمُ ابنُ ثابت.. لعداوتِك لله ورسوله.. ، وتقدمَ عليُ ابنُ أبي طالبٍ فأطاح برأسه …
أهانَ العنقَ الشريف.. فضربت عنقُه.. وحقرَ الرأسَ المهيب ..فسقط رأسُه ..، عنقٌ  بعنق ..ورأس ٌ برأس.. وشتان بين العنقين والرأسين ..، والجزاء من جنس العمل.. ، هكذا يفعل الله عز وجل بمن نال من نبيه صلى الله عليه وسلم…
6
كاتبُ وحيٍ تنصر
قد يرغب المرء في الهداية .. ويستقيم عليها زماناً .. ثم يغرى بمتع الدنيا .. إما بجاه .. أو وظيفة .. أو مال .. أو صداقة .. فيترك دينه لأجلها..
أو يلتف عليه أقران يزينون له الشهوات .. ويدعونه إلى الملذات.. فيشاركهم في منكرهم .. ويسكت عن معصيتهم .. فينتقل من عز الطاعة إلى ذل المعصية .. فيرتد على عقبيه بعد إذ هداه الله..
كان رجل قارئاً كاتباً .. فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي .. وقد كان حفظ البقرة وآل عمران .. وكان الرجل إذا حفظ البقرة .. وآل عمران ارتفع قدره عند الصحابة..
فأغراه بعض المشركين .. بدنيا .. ومال .. . فارتد عن الإسلام ولحق بعباد الأصنام .. طلباً لهذه المتع .. وأخذ يستهزئ بالنبي صلى الله عليه وسلم.. ويقول : ما يدري محمد إلا ما كتبت له..
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بخبره .. فقال : اللهم اجعله آية.. فلم يلبث أن مات …. وانقطعت اللذات..
وبقيت الحسرات .. وعظمت السيئات.. فلما مات .. حفروا له فدفنوه..
فلما أصبحوا .. مروا بقبره .. فإذا الأرض قد نبذته فوقها .. وإذا جثته ملقاة على التراب .. فعجبوا !! كيف أخرج من قبره !!
فقالوا : هذا من فعل محمد وأصحابه .. ثم عادوا فحفروا له وأعمقوا .. فدفنوه..
فأصبحوا .. فمروا بقبره .. فإذا الأرض قد لفظته فوقها..
فقالوا : هذا من فعل محمد وأصحابه .. ثم عادوا فحفروا له وأعمقوا أكثر ما استطاعوا .. فدفنوه..
فأصبحوا .. فمروا بقبره .. فإذا الأرض قد لفظته فوقها .. فقالوا : هذا ليس من فعل البشر..
فتركوه منبوذاً .. على الأرض.والثعالب تنهش من لحمه..والغربان تأكل من جسده .. نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى..(د.محمد العريفي)
وهكذا ينتصر الله من أعداء الله ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق.
فهذا الأرض الجامدة تنتقم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المتطاول المجرم، وتتركه عبرة وعظة لمن يعتبر أو يتعظ، يقول شيخ الإسلام ابنتيمية في “الصارم المسلول” معلقاً على القصة: “فهذاالذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له ؛ قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً ، وهذا أمرٌ خارجٌ عنالعادة ، يدلُ كلّ أحدٍ على أن هذا عقوبة لما قالهُ، وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجُرمَ أعظمُ من مجرد الارتداد، إذ كانعامةُ المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وأن اللهَ منتقمٌ لرسولهِ صلى اللهُعليه وسلم ممن طعن عليه وسبهُ، ومظهرٌ لدينه، ولكذب الكاذب إذا لم يمكن للناس أن يقيموا عليه الحد”[1].
7
قتلُ يَهُودِيَّةٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناسأجمعين»
لن يكون المرء مؤمناً حق الإيمان حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه ممن تربطه بهم روابط القرابة والنسب أو روابط الصداقة والمصلحة ، فإذا كان حبه يفوق من أنجبه ورباه من والدة وأب وجد وجدة ويفوق حب أفلاذ كبده، ويفوق حب الزوجة والعشيرة وسائر من تربطه بهم علاقة اجتماعية أو سياسية أو تجارية أو أي رابطة أو مصلحة إذا كان حاله كذلك فإنه حينئذ يكون مؤمناً حقاً وعلامة ذلك أن يقدم طاعة الله ورسوله على كل طاعةٍ غيرها وما يحبه الله ورسوله على ما يحبه جميع الناس قريبهم وبعيدهم ولو أسخط جميع الناس.
ولا يجد حلاوة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
سُئل عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه  : « كيف كان حبكم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان والله أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ »
وها هو عمرو بن العاص – رضي الله عنه –  يقول وهو في سياق الموت: « ما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنتُ أطيق أن أملأ عينيّ منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عينيّ منه »
وهذه قصة صحابي آخر فقد بصره إلا إنه لم يفقد بصيرته، كان لديه جارية غير مسلمة تخدمه وتقوم بشأنه إلا أنها لم تكن تقلع عن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تطب نفس هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه إلا بقتلها.
فعن ابنِ عباسٍ..أن أعمى كانت له أمُ ولدٍ تشتم النبي َصلى الله عليه وسلم وتقعُ فيه.. فينهاها فلا تنتهي.. ويزجُرُها فلا تنزجر ..قال فلما كانت ذاتُ ليلةٍ جعلت تقعُ في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمُه فأخذ المغول (سيف قصير).. فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها .. .. فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. فجمعَ الناس.. فقال أنشدُ اللهَ رجلا فعل ما فعل لي عليه حقٌ إلا قام.. فقام الأعمى يتخطى رقابَ الناس ..وهو يتزلزل ..حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال يا رسولَ اللهِ أنا صاحبُها ..كانت تشتمك وتقعُ فيك فأنهاها فلا تنتهي.. وأزجُرها فلا تنزجر ..ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتين.. وكانت بي رفيقة.. فلما كانت البارحة ..جعلت تشتمك وتقعُ فيك.. فأخذت المغولَ فوضعته في بطنها واتكأتُ عليها حتى قتلتها ..فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ألا اشهدوا أن دمَها هدر…
هكذا قدم حب رسول الله على حب أم أولاده.

8
هجاه فقتله
كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا وكان يهجو رسولَ الله صلى الله عليه و سلم ويحرضُ عليه كفارَ قريش.. وكان النبي صلى الله عليه و سلم قدم المدينة ..وكان اليهود والمشركون يؤذون المسلمين أشد الأذى ..فأمر اللهُ رسولَه والمسلمين بالصبر.. فلما أبى كعبُ بنُ الأشرفِ أن يتوقف عن أذاه ..وقد كان عاهد النبيَ صلى الله عليه وسلم من قبل, أن لا يعينَ عليه أحدا .. فنقض كعبٌ العهد .. وسبه وسب أصحابَه ..وكان من عداوتِه أنه لما قدم البشير بقتل من قُتل ببدر وأسرِ من أُسر .. قال كعب: أحقٌ هذا.. أترون أن محمدا قتل هؤلاء ؟ .. فهؤلاء أشرافُ العربِ وملوكُ الناس.. والله لئن كان محمدٌ أصاب هؤلاء القوم.. لبَطنُ الأرضِ خيرٌ من ظهرِها ..فلما أيقن الخبر.. ورأى الأسرى مقرنين.. كُبِت وذل وخرج إلى قريشٍ يبكي على قتلاهم.. ويحرضُهم على قتالِه صلى الله عليه و سلم.. ثم رجع إلى المدينة.. فشبَّب بنساء المسلمين حتى آذاهم.. فقال صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري.. :(من لكعبِ بنِ الأشرف ؟.. فإنه قد آذى اللهَ ورسولَه ..، فقال محمدُ بنُ مسلمة : يا رسول الله ! أتحبُّ أن أقتلَه ؟.. قال : نعم .. قال : ائذن لي فلأقل .. قال: قل .. فأتاه فقال له : إن هذا الرجلَ قد أراد صدقة .. وقد شق علينا .. فلما سمعه قال : وأيضا . والله ! لتَمَلَّنَّه .. قال : إنا قد اتبعناه الآن .. ونكره أن ندعَه حتى ننظرَ إلى أي شيء يصير أمرُه .. قال : وقد أردتُ أن تُسْلِـفَني سلفا .. قال : فما تَرْهُـنَني ؟ قال : ما تريد … قال : تَرْهُـنَني نساءَكم .. قال :لا ..؟ قال له : تَرْهُـنوني أولادَكم.. قال : يُسَبُّ ابنُ أحدِنا . فيقال : رُهِن في وَسْقينِ من تمر.. . ولكن نَرْهَـنُك اللأمة) يعني السلاح ) .. قال : فنعم . وواعده أن يأتيَه بالحارثِ وأبي عبسِ بنِ جبرٍ وعبادِ بنِ بشر.. . قال : فجاءوا فدعوه ليلا … فنزل إليهم … قال محمد بنُ مسلمة : إني إذا جاء فسوف أمد يدي إلى رأسه .. فإذا استمكنت منه فدونكم .. قال : فلما نزل ..، نزل وهو متوشح .. فقالوا : نجد منك ريحَ الطيب .. قال : نعم .. .. قال : فتأذنُ لي أن أشمَّ منه .. قال : نعم . فشُم .. فتناول فشَم .. ثم قال : أتأذن لي أن أعود ..؟ : فاستمكن من رأسِه… ثم قال : دونكم … قال : فقتلوه ثم أتوا النبيَ صلى الله عليه وسلم فأخبروه) …
وهكذا كانت نهاية من يسب رسول الله ويحرض عليه ليكون عبرة لغيره.
9
قُتل متعلقاً بأستار الكعبة
عبدالعزى بنُ خَطلٍ أسلموهاجر إلى المدينةوبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا في الصدقة ، وبعث معه رجلا من خزاعة ، فكان يصنع طعامه ويخدمه فنزلا في مجمع فأمر الخزاعي أن يصنع له طعاما ، ونام نصف النهار فاستيقظ والخزاعي نائم ولم يصنع له شيئا ، فاغتاظ عليه فضربه فلم يقلع عنه حتى قتله فلما قتله قال والله ليقتلني محمد به إن جئته . فارتد عن الإسلام وساق ما أخذ من إبل الصدقة وهرب إلى مكة، فقال له أهل مكة : ما ردك إلينا ؟ قال لم أجد دينا خيرا من دينكم . فأقام على شركه وكانت له جاريتان مغنيتان وكان يقول الشعر يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهما أن تغنيا به ويدخل عليه وعلى مغنيتيه المشركون فيشربون الخمر ويسمعون الغناء بذلك الهجاء.
وفي يومِ فتحِ مكة كان عبدالعزى بنُ خَطلٍ متعلقاً بأستارِ الكعبةِ.. فجاء من يخبر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنه متعلقٌ بأستارِ الكعبة..
فقال عليه الصلاة والسلام: اقتلوه،.. فقُتلهأبا برزة الأسلميوهو متعلقٌ بأستارِ الكعبة ..
والسبب في قتل ابن خطل وعدم دخوله في قوله ” من دخل المسجد فهو آمن” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة قال: لا يقتل أحد إلا من قاتل, إلا نفرا سماهم فقال: “اقتلوهم وإن وجدتموهم تحت أستار الكعبة”, وهم عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومَقِيس بن ضُبَابة وعبدالله بن سعد بن أبي السرح”.
فأما عبد الله بن خطل فأُدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حُريب وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارًا وكان أشب الرجلين فقتله.
وأما مَقِيس بن صُبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه.
وأما عكرمة فركب البحر فأصابهم عاصف فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا ههنا فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا صلى الله عليه وسلم حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوًا كريمًا فجاء فأسلم.
وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح …..فقد اختبأ عند عثمان بن عفان وكان أخا لعثمان بن عفان من الرضاعة فجاء به عثمان حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثًا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟. فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ألا أومات إلينا بعينك؟ قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين.
وهكذا كانت نهاية المرتد عبدالله بن خطل

10
[إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ]
قال ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير عند قوله تعالى “إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ”:”.. التعبير عنهم بوصف {المستهزئين} إيماء إلى أنه كفاه استهزاءهم وهو أقلّ أنواع الأذى، فكفايته ما هو أشدّ من الاستهزاء من الأذى مفهوم بطريق الأحْرى.
وفي التّعبير عنهم بهذا الوصف إيماء إلى أن قصارى ما يؤذونه به الاستهزاء، كقوله تعالى:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} فقد صرفهم الله عن أن يؤذوا النبي بغير الاستهزاء، وذلك لطف من الله برسوله.
ومن سنة الله.. أن من لم يتمكن المؤمنون أن يعذبوه .. من الذين يؤذون الله ورسوله؛.. فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه …
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله تعالى صابرا محتسبا، مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء، وكان عظماء المستهزئين خمسة وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم.
وهم الوليدُ بنُ المغيرة، و العاصُ بنُ وائل، والأسود بنُ المطلبِ والأسود بنُ عبدِ يغوث، والحارثُ بنُ قيس.
فأتاه جبريلُ فشكاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليه .., فأراهُ الوليدَ بنَ المغيرة.. فأومأ جبريلُ إلى عِرق في يد الوليد فقال له الرسول ..: ما صنعت ؟ قال : كفيته .. ثم أراه الأسودَ بنَ عبد يغوث .. فأومأ إلى رأسه ، وقال : كفيته .. ثم أراه الأسود بن المطلب ..فأومأ جبريل إلى عينيه فقال : ما صنعت ..؟ قال : كفيته .. ثم أراه الحارث .. فأومأ إلى رأسه ، وقال : كفيته .. ومر به العاصُ فأومأ إلى أخمصِه فقال : ما صنعت ؟.. قال : كفيته .. فأما الوليدُ فمر برجل من خزاعةَ وهو يريش نبلا له(أي : يهيئ النبال لتصلح للرمي)   فأصاب يده فقطعها ..، وأما الأسودُ بنُ المطلبِ فعمي .. فمنهم من يقول : عمي هكذا .. ومنهم من يقول : نزل تحت سَمُرةٍ فجعل يقول.. : يا بني ، ألا تدفعون عني.. قد قُتلت ؟.. فجعلوا يقولون : ما نرى شيئا .. وجعل يقول : يا بني ..، ألا تمنعون عني قد هلكت.. هاهو ذا أُطعن بالشوك في عيني … وأما الأسودُ بنُ عبدِ يغوث .. فخرج في رأسه قروحٌ فمات منها ،.. وأما الحارثُ فأخذه الماءُ الأصفرُ في بطنه حتى خرج مافي بطنه من فمه فمات منها ..، وأما العاص.. فبينما هو كذلك يوما إذ دخل في رأسه شبرقة وهي نوع من : الشوك) حتى امتلأت منها فمات منها… وقيل أنه: ركب إلى الطائف على حمار فربض به على شبرقة.. فدخلت في أخمصِ قدمِه شوكةٌ فقتلته .
وهكذا كفى اللهُ عز وجل النبيَ صلى الله عليه وسلم شرَ هؤلاء المستهزئين في ساعة واحدة…
11
صاعقة السماء تحرق المتآمرين
قصة نهايةمجرم آخر من مجرمي المنافقين لم يكتفي بتحريضه على قتل سبعين من قراء الصحابة في بئر المعونة، بل سعى إلى اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفظ الله رسوله صلى الله عليه وسلم وانتقم من أعدائه.
فعن ابن عبَّاسٍ، أَنَّ أَربد بن قيس ، وَعامرَ بن الطّفَيل بن مَالكٍ قَدمَا المدينة على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فانتهيا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ، فجلسا بين يديه.
فقال عامر بن الطّفيل: يا محمّد، ما تجعل لي إن أسلمت ؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم
قال عامر بن الطّفيل: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:ليس ذلك لك، ولا لقومك، ولكن لك أعنّة الخيل أي لجامها، قال: أنا الآن في أعنّة خيل نجدٍ، اجعل لي الوبر أي البوادي، ولك المدر أي المدن، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:لا، فلمّا ذهب من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال عامرٌ: أما واللّه لأملأنّها عليك خيلا ورجالا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يمنعك اللّه، فلمّا خرج أربد وعامرٌ، قال عامرٌ: يا أربد، أنا أشغل عنك محمّدًا بالحديث، فاضربه بالسّيف، فإنّ النّاس إذا قتلت محمّدًا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدّية، ويكرهوا الحرب، فسنعطيهم الدّية، قال أربد: أفعل، فأقبلا راجعين إليه، فقال عامرٌ: يا محمّد، قم معي أكلّمك، فقام معه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخليا إلى الجدار، ووقف معه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكلّمه، وسلّ أربد السّيف، فلمّا وضع يده على قائم السّيف يبست على قائم السّيف، فلم يستطع سلّ السّيف، فأبطأ أربد على عامرٍ بالضّرب، فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فرأى أربد وما يصنع، فانصرف عنهما، فلمّا خرج عامرٌ وأربد من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى إذا كانا بالحرّة ، نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذٍ وأسيد بن حضيرٍ، فقالا: اشخصا يا عدوّي اللّه، لعنكما اللّه، قال عامرٌ: من هذا يا سعد؟ قال: هذا أسيد بن حضيرٍ الكاتب، قال: فخرجا حتّى إذا كانا بالرّقم أرسل اللّه عزّ وجلّ على أربد صاعقةً فقتلته، ثمّ أرسل اللّه على عامر قرحةً فأخذته، فأدركه اللّيل في بيت امرأةٍ من بني سلولٍ، فجعل يمسّ قرحته في حلقه، ويقول: غدّةٌ كغدّة الجمل في بيت سلوليّةٍ، يرغب أن يموت في بيتها، ثمّ ركب فرسه، حتّى مات عليه راجعًا.
وهكذا كانت نهاية هذين المتآمرين بصاعقة وبقرحة ليكونا لغيرهما عبرة.

12
نهاية كسرى
كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر يدعوهما إلى الإسلام.. وكلاهما لم يُسلم،.. لكن قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله، فثبت ملكُه، … و كسرى مزّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتله اللهُ بعد قليل،.. ومزق ملكه كل ممزق،.. و لم يبق للأكاسرة ملك.
وكأنه بتمزيقه لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمزق ملكه هو، بل ومزق ملك الفرس الذين أنهى المسلمون دولتهم في سلسلة من الفتوحات المجيدة.
فعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه أنّ رسُول اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وسلّم بعث بِكِتابِهِ إِلى كِسرى مع عبدِ اللّهِ بنِ حُذافة السّهمِيِّ فأمرهُ أن يدفعهُ إِلى عظِيمِ البحرينِ فدفعهُ عظِيمُ البحرينِ إِلى كِسرى وكان نص رسالة النبي إلى كسرى ، هو : (بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاء الله ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت ، فإن إثم المجوس عليك).
فلمّا قرأ الرسالة مزّقهُا .
فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم مزق ملكه ” وكتب كسرى  إلى باذان عامله على اليمن: ابعث من عندك رجلين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز، فكتب باذان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبلغا صاحبكما أن ربي قتل ربه في هذه الليلة ، : وكان ذلك في العاشر من جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة .
وكان مقتل كسرى كبير الفرس على يد أقرب الناس إليه وهو ابنه الكبير “شيرويه”  فيقتله، ثم ما يلبث أن يُقتل هو، ثم يقُتل من قتله، فتمزق ملك كسرى حتى أخذه المسلمون وفتحوا بلاده كلها في عهد الراشدين.
ونظيرُ هذا.. ما جربه المسلمون مراتٍ متعددة ..في حصار الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية،.. لما حاصر المسلمون فيها بني الأصفر في القرن السابع الهجري،.. قالوا: كنا نحن نحاصر الحصن أو المدينة.. الشهر أو أكثر من الشهر ..وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه .. حتى إذا تعرض أهلُه لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والوقيعةِ في عِرضِه،.. تعجلنا فتحه وتيسر.. ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك،.. ثم يُفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمةٌ عظيمة،.. قالوا: حتى إن كنا لنتباشرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوه فيه
13
كلبٌ ينتصرُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم
ثلاثة رجال سخروا بنبينا صلى الله عليه وسلم فكيف كانت نهايتهم ؟
أما أولهم فهو رجل من حاشية أمير من أمراءِ المغولِ تنصر.. فحضر عنده جماعةٌ من كبار النصارى والمغول.. فجعل واحد منهم ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم ..وهناك كلبُ صيدٍ مربوط .. فلما أكثر من ذلك وثب عليه الكلبُ فخمشه .. فخلصوه منه .. وقال بعضُ من حضر ..هذا بكلامك في محمد صلى الله عليه وسلم ..فقال كلا بل هذا الكلبُ عزيزُ النفس .. رآني أشيرُ بيدي فظن أني أريدُ أن أضربه .. ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال ..فوثب الكلبُ مرةً أخرى فقبض على حلقه فقلعه فمات من حينه…
والقصة الثانية هي من قصص المعاصرين ذات العبر الدالة على الخاتمة السيئة التي تنتظر كل من تطاول وتجرأ على مقام النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهي أن رجلا ذهب لنيل شهادة الدكتوراه خارج بلده، فلما أتم دراسته وكانت تتعلق بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، طلب منه أستاذه من النصارى أن يسجل في رسالته ما فيه انتقاص للنبي صلى الله عليه وسلم وتعريض له ، فتردد الرجل بين القبول والرفض، واختار في نهاية الأمر دنياه على آخرته ، وأجابه إلى ما أراد طمعاً في تلك الشهادة، فما أن عاد إلى بلده حتى فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مروع، والعياذ بالله من الخذلان
أما القصة الثالثة فحدثت في ركن الخطباء” في حديقة “الهايد بارك ” الشهيرة بوسط العاصمة البريطانية “لندن”.
فقد اعتاد بعض المسلمين الإنجليز المؤهلين لدعوة بني جلدتهم إلى الإسلام أن يحضروا بصفة أسبوعية في “ركن الخطباء” بالحديقة المذكورة، ليتناوبوا على الخطابة داعين إلى توحيد الله عز وجل، وموضحين حقائق الإسلام، ومفندين شبهات أعدائه، وفى اليوم المذكور وقف أحدهم داعيًا إلى الله عز وجل، فانبرى له رجل بريطاني نصراني فأخذ يقاطعه ويشوش عليه، ثم تدنى إلى ما هو أشنع من ذلك، فطوعت له نفسه أن يلعن ويسب الله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم، والإسلام، فلم يمهله الله طرفة عين، وإذا بالخبيث يخر فى الحال على وجهه صريعًا لليدين وللفم ، وأخذت رغوة كريهة تنبعث من فمه، وفشلت كل محاولات إسعافه إذ كان قد نفق في الحال، وأفضى إلى جبار السموات والأرض جل وعلا ،وكان أحد رجال الشرطة البريطانية المخصصين لحفظ الأمن والنظام يراقب الموقف برمته مع الحاضرين عن كثب، فلما نفضوا أيديهم منه ،وآيسوا من حياته، أقبل الشرطي نحو الخطيب”قائلا له :”هذا ربك قد انتقم منه في الحال ؟”، فأجابه الخطيب: “نعم هو الله الذي فعل ذلك، فادعوا الروح القدس كي تعيده إلى الحياة إن استطعتم”[2].

14
سببُ تأليفِ كتاب ” الصارمُ المسلولُ على شاتمِ الرسول
جعل الله سبحانه وتعالى الهداية لعباده على أيدي الأنبياء المكرّمين وخاتمهم سيدنا محمد الصادق الأمين صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.فكان من الواجب على جميع المؤمنين توقير واحترام ومحبة  الرسل لأن محبتهم مرتبطة بمحبة الخالق العظيم سبحانه وتعالى.
وقد سار على هذا جموع الناس حتى من غير المؤمنين، فما يتكلم عقلاؤهم عن هؤلاء الأنبياء إلاّ بغاية الأدب والتهذيب.
ولكن شذ من الناس في كل زمن أفراد لا يعدون شيئاً.
وقد قام علماؤنا ببيان العقوبات التي أوجبها الله تعالى على الحاكم المسلم للدفاع عن مكانتهم العالية ومنزلتهم السامية، ومن هؤلاء العالم المجاهد شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الدمشقي الذي ألّف كتاباً في بيان أحكام هذا الموضوع، وذلك رداً على من تجرأ على سب النبي صلّى الله عليه وسلم، ولما رأى من تهاون بعض الحكام وتسويغ بعض أهل العلم، فكان كتابه الجامع المانع:
(الصارم المسلول على شاتم الرسول)
وسبب تأليف هذا الكتاب تطاول نصراني اسمه عساف على مقام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
كان هذا الرجلُ.. ، قد شهد عليه جماعةٌ أنه سب النبيّ صلى الله عليه وسلم ،.. وقد استجار عسافٌ هذا بابن أحمد بنِ حجي أميرِ آلِ علي.. ، فاجتمع الشيخُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية،… والشيخُ زينُ الدينِ الفارقي.. شيخُ دارِ الحديث.. ، فدخلا على الأمير عزِ الدينِ أيبك الحموي.. نائبِ السلطنة ..فكلماه في أمره فأجابهما إلى ذلك ،.. وأرسل ليحضره فخرجا من عنده ومعهما خلقٌ كثيرٌ من الناس ..، فرأى الناس عسافاً حين قدم ومعه رجلٌ من العرب.. فسبوه وشتموه … فقال ذلك الرجلُ  ..: هو خيرٌ منكم – يعني النصراني – فرجمهما الناسُ بالحجارة ..، وأصابت عسافاً ..ووقعت مشادة قوية … فأرسل النائبُ فطلب الشيخينِ ابنِ تيمية والفارقي فضربهما بين يديه، …. وقدم النصرانيُ فأسلم ..، وعُقد مجلسٌ بسببه ،.. وأثبت بينه وبين الشهودِ عداوة ، ..فحقن دمه .
ثم استدعى  الشيخينِ فأرضاهما وأطلقهما ،.. ولحِق النصرانيُ بعد ذلك ببلادِ الحجاز ..، فاتفق قتلُه قريباً من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،.. قتله ابن أخيه هنالك ..، وصنف الشيخ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية في هذه الواقعةِ كتابه ” الصارم المسلول.. على شاتم الرسول ” .

15
(القربان الصليبي)
لما وقع الحصار على مدينة دمياط حدث أن علجاً منهم، قد ألهج لسانه بسبب النبي صلى الله عليه وسلم، معلناً به على خنادقهم، ومغيظا به لمن يليهم من حرس الإسلام ورجالهم، وكان أمره قد استفحل، وداء اشتهاره بهذه العظيمة قد أعضل، وقد جعل هذا الأمر ديدن جهاده، وذهب عنه أن الله تعالى ينتقم لنفسه من عتو هذا اللعين وعناده.
فلما كانت المعركة التي أسر فيها أعلاج الكفر وجنودهم، وأفاء الله على أهل دينه عدوهم وعديدهم، واستولى منهم على ما يناهز ألفي فارس، عرف هذا العلج في جملة من اشتمل عليه الاستيلاء منهم حصراً وعداً، وعوجل بعقوبة كفره الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا؛ فلما صفد في وثاقه، وخرس لسانه، أشعر السلطان الملك الكامل بموضعه، فتنوعت المشورات بصورة قتل هذا الكافر، واللحاق بروحه إلى الجحيم التي هي مأوى الفاجر، فصمم الملك الكامل على إرسال هذا العلج مع من يوصله إلى والي المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وإشعاره بأمره، وأن يباشر بذلك المحل الشريف تطهير الأرض من كفره. فما أن وصل حتى أقيم بين يدي قبر النبي المطهر، ونوجي ذلك المحل الأطهر، وذلك في عيد الفطر من تلك السنة وقيل: يا رسول الله: هذا عدو الله وعدوك، والمصرح في ملة كفره بسبك وسب صاحبك، قد أرسله محمد سلطان مصر ليقتل بين يديك، ويشكر الله لما وفقه من مجاهدة المشركين الذين كفروا بما أنزل إليك، وقاصدا أن يجعله عبرة لمن انتهك حرمتك واجترأ عليك،… فتهادته أيدي المنايا ضرباً بالسيوف، وفرح المؤمنون بنصر الله لدينه على طوائف الشرك وأن رغمت منها الأنوف، والحمد لله رب العالمين

16
محاولةُ سرقةِ جسدِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
كان للسلطان نور الدين محمود دور عظيم في جهاد الصليبيين وحماية ديار المسلمين من الحملات الصليبية كما كان له دور كبير لا يعرفه كثير من الناس في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وحمايته من الصليبيين ففي عام (خمسمئةٍ وسبعةٍ وخمسين) للهجرة .. رأى السلطانُ نورُ الدينِمحمودُ . وكان رحمه الله صالحاً.. صادق الرؤيا.. “رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ واحدةٍ ثلاث مرات،.. وهو يقولُ له في كل واحدةٍ منها:.. يا محمود.. أنقذني من هذين الشخصين،.. لشخصينِ أشقرينِ تجاهه،… فاستحضر وزيره قبل الصبحِ فأخبره،.. فقال له: هذا أمٌر حدث في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ليس له غيرُك،.. فتجهز ـ نورُ الدين ـ وخرج على عجل.. بمقدار ألفِ راحلة .. وما يتبعها من خيلٍ وغير ذلك،.. حتى دخل المدينة على غفلة،.. فطلب الناس عامةً للصدقة،.. وقال: لا يبقى بالمدينة أحدٌ إلا جاء،.. فلم يبق إلا رجلانِ مجاورانِ من أهل الأندلس.. نازلانِ في الناحية التي قبلة حجرةِ النبي صلى الله عليه وسلم من خارجِ المسجد.. عند دارِ آلِ عمر بنِ الخطاب،.. قالا: نحن في كفاية،.. فجدّ في طلبهما حتى جيء بهما ..فلما رآهما قال للوزير: هما هذان،.. فسألهما عن حالهما وما جاء بهما،.. فقالا: لمجاورة النبي صلى الله عليه وسلم… فكرر السؤال عليهما حتى أفضى إلى العقوبة،.. فأقرا أنهما من النصارى.. ووصلا لكي ينقلا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحجرة الشريفة،.. ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض .. من تحتِ حائطِ المسجدِ القبلي .. يجعلان التراب في بئٍر عندهما في البيت…
فضرب أعناقهما عند حجرةِ النبي صلى الله عليه وسلم ..خارج المسجد .. وركب متوجهاً إلى الشام راجعاً…

17
صلاحُ الدينِ لأرناط: ها أنا ذا أنتصرُ لنبينا منك
ومن صور انتصار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم على يد أتباعه، انتقام السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من الأمير الصليبي “أرناط”، وكان أرناط من أشد الصليبيين عداوة وغدراً وحقداً على الإسلام والمسلمين، قضى حياته كلها في محاربة المسلمين تديناً منه، ووقع في الأسر عدة مرات، ويفتدى نفسه ليخرج لمحاربة المسلمين مرة أخرى، وكان أميراً على حصن الكرك وكان دائم الإغارة على قوافل المسلمين، وذات مرة هاجم أرناط قافلة حجاج  فقتلهم وسرق متاعهم وأثناء اقترافه هذه الجريمة الشنيعة أخذ في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول للمسلمين “أين محمد لينقذكم؟”.
وقد فكر هذا الخنزير الأحمق في الهجوم على مكة والمدينة النبوية وأعد أسطولاً لذلك وقام بغارات مجرمة على قوافل الحجيج، فأقسم “صلاح الدين” على أن يقتل هذا الكلب بيده إذا ظفر به، وجاء يوم الوفاء يوم “حطين” هجرية، يقول ابن خلكان في وفيان الأعيان: ” .. وأما أرناط فإن السلطان كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله، وذلك لأنه كان قد عبر عند قوم من الديار المصرية في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبلغ السلطان فحملته حميته ودينه على أن يهدر دمه.
ولما فتح الله تعالى عليه بنصره جلس في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد، وعرضت عليه الأسارى، وسار الناس يتقربون إليه بمن في أيديهم منهم، وهو فرح بما فتح الله تعالى على يده للمسلمين، ونصبت له الخيمة فجلس فيها شاكراً لله تعالى على ما أنعم به عليه، واستحضر الملك جفري وأخاه أرناط، وناول السلطان جفري شربة باردة فشرب منها، وكان على أشد حال من العطش، ثم ناولها أخاه أرناط؛ وقال السلطان للترجمان: قل للملك أنت الذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته. وكان من جميل عادة العرب وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن،  ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عينه لهم، فمضوا بهم إليه فأكلوا شيئاً، ثم عادوا بهم، ولم يبق عنده سوى بعض الخدم فاستحضرهم، وأقعد الملك في دهليز الخيمة، واستحضر  أرناط وأوقفه بين يديه وقال له: ها أنا أنتصر لمحمد منك، ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل، فسل السيف فضربه وتمم قتله من حضر، وأخرجت جثته ورميت على باب الخيمة. فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به، فاستحضره وطيب قلبه وقال له: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك. وأما هذا فإنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم، وبات الناس في تلك الليلة على أتم سرور، ترتفع أصواتهم بحمد الله وشكره وتهليله وتكبيره، حتى طلع الفجر”[3].
18
خطيبٌ يسبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن القصص ذات العبر في عاقبة المستهزئين والمتطاولين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكره الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في كتابه “كلمة الحق” عن والده محمد شاكر، وكيل الأزهر في مصر سابقاً، أن خطيباً مفوهًا فصيحًا كان يتوافد إليه الناس لسماع خطبه، حضر إليه ذات يوم في خطبته أحد أمراء مصر، فأراد هذا الخطيب مدح هذا الأمير والثناء عليه، وكان هذا الأمير قد أكرم طه حسين الذي كان يطعن في القرآن وفي العربية، فلما حضر طه حسين والأمير في الخطبة، قام هذا الخطيب المفوه يمدح ذلك الأمير قائلا له:
جاءه الأعمى فمــا عبس في وجه وما تولى.
وهو يقصد من كلامه هذا الإساءة النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الله قال عن قصته عليه الصلاة والسلام مع ابن أم مكتوم ” عبس وتولى أن جاءه الأعمى ” فلما صلى الخطيب بالناس قام الشيخ محمد شاكر والد الشيخ أحمد شاكر رحمهما الله ، وقال للناس : أعيدوا صلاتكم فإن إمامكم قد كفر، لأنه تكلم بكلمة الكفر.
يعلق الشيخ أحمد شاكر قائلاً: ولم يدع الله لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين،وبعد أن كان عالياً منتفخاً، مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء رأيتهمهيناً ذليلاً، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظهافي ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه؛ فماكان موضعاً للشفقة، ولا شماتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن لما رأيتمن عبرة وعظة[4].
هكذا كانت النهاية الذليلة لمن أراد عز الدنيا على حساب دينه..
فأضاع دنياه ليعيش ذل المعصية وشؤم عقابها..
19
نهاية رسام عربي
رسامُ كاريكاتيرِ  عربي شهير.. رسم صورةً هزليةً في جريدة الأهرامِ عام (ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسةٍ وستين). رسم فيها رجلاً يرمُز به إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وعرضه بطريقة يسخر فيها منه صلى الله عليه وسلم ومن زوجاته رضي الله عنهن
رسم هذا الكاريكاتير ليضُحِك الناس بالسخريةِ من الرسولِ صلى الله عليه وسلم وأزواجِه.. فعاقبه اللهُ بمرضِ الاكتئاب .. فكان عذابُه من جنس عملِه .. وعكس قصدِه..  وعذابُ النفسِ أشدُ من عذاب الجسد ..ولما عجز عن الشفاءِ بالأدوية من الاكتئاب ..انتحر ليقتصّ للرسولِ صلى الله عليه وسلم من نفسِه بيدِه التي رسم بها سخريته…فسبحان الله على قدرته وعظمته.
ثم يأتي رسامٌ غربي بحجةِ حريةِ التعبير .. فيرسم رسومه المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.. فعاقبه الله عز وجل بسلبه حريته .. ليظلّ معتقلا متخفيا بين يدي الشرطةِ خوف القتل,.. لا يجد فندقا يؤويه.. وليصرح لصحيفة ِدنماركية: ..” لم يعُد لي مكان” .. على الرغمِ من أنه يعيش متخفيًا بحمايةِ المخابراتِ الدانمركية.. والجزاءُ من جنسِ العمل. ..[وكذلِك نجزِي من أسرف ولم يُؤمِن بِآياتِ ربِّهِ ولعذابُ الآخِرةِ أشدُّ وأبقى] {طه:127}
[إِنّ الّذِين يُؤذُون الله ورسُولهُ لعنهُمُ اللهُ فِي الدُّنيا والآخِرةِ وأعدّ لهُم عذابًا مُهِينًا] {الأحزاب:57}
ومن قبله أساء المرتد سلمان رشدي لنبينا صلى الله عليه وسلم وزوجاته رضي الله عنهن بروايته الماجنة الشيطانية فكانت عاقبته العيش منبوذا متخفيا خائفا من عواقب جريمته..
20
قتل مخرج غربي
المخرج السينمائي الهولندي ثيو فان جوخ أخرج بمساعدة مرتدة صومالية نائبة في البرلمان فيلمايروي  قصة أربعنساء مسلمات وأظهر الفيلم آيات قرآنية مكتوبة على الأجساد شبه العارية للنساء اللواتي تمثلن في الفيلم.
ولقد سبق لهذا المجرم أن سب الله تعالى وسب نبي الإسلام وسب المسلمين ووصفهم بناكحي المعز…
وقال عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن عنده شذوذ جنسي ومغتصب بنات بل تجرأ على الله تعالى وكان كثيرا ما يستهزئ وعلى التلفزيون مباشرة بالله….بل وصلت به الجرأة أن سمى كلبه باسم الله تعالى الله جل وعلا
فقام المغربي أحمد بويري بإطلاق النار وطعن فان جوخ حتى الموت أثناء ركوبه دراجته في أحد شوارع العاصمة الهولندية عام 2004م.
وهدد في ورقة ثبتت على جسده بسكين أيان هيرسي علي وهي نائبة في البرلمان الهولندي وصومالية المولد، والتي كتبت نص الفيلم
واعتقل البويري عقب تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بعد دقائق من مقتل فان جوخ.
وقال الإدعاء الهولندي إن البويري كان يأمل في أن يموت “شهيدا” على أيدي الشرطة.
وأصدرت محكمة هولندية حكما بالسجن المؤبد على الإسلامي أحمد بويري الذي نفذ الاغتيال.
وكان بويري قد قال انه قتل فان جوخ انطلاقا من التزام ديني وانه سيقتل مجددا باسم الإسلام إذا سنحت له الفرصة.

واثر اغتيال فان جوخ، استمرت هيسري علي، كاتية سيناريو “الخضوع” بالاختباء لمدة أشهر عديدة.
وقالت أنها “تحتاج إلى وقت طويل كي تفهم فعلا ما الذي حدث وتتخطاه”.
وقال البويري لمحكمة في امستردام: “أتحمل المسؤولية كاملة عن أفعالي. وتصرفت باسم عقيدتي الدينية.”
“يمكنني أن أؤكد لكم أن يوما ما، إذا أطلق سراحي، فسأفعل الشيء نفسه مرة أخرى.”
وقال محاميه للمحكمة إن البويري لن يدافع عن نفسه ولن يفعل أحد ذلك نيابة عنه.
وهو محكوم عليه بالمؤبد الدرجة القصوى فلا يخرج من السجن إلا إلى القبر….
كيف ننصر رسولنا صلى الله عليه وسلم ؟
أخي المسلم ..
إليك بعض الوسائل التي يمكننا من خلالها العمل لنصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا في وقت اشتدت فيه  الهجمة الشرسة عليه صلى الله عليه وسلم .
ومن هذه الوسائل الانقياد لأمر الله تعالى بالدفاع عن النبي ومناصرته وحمايته من كل أذى يراد به ، أو نقص ينسب إليه ، كما قال تعالى : ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه).
ومن وسائل النصرة الحرص على الصلاة على النبيصلى الله عليه وسلمكلما ذكر ، وبعد الآذان ، وفي يوم الجمعة ، وفي كل وقت ، لعظيم الأجر المترتب على ذلك ، ولعظيم حقه علينا.
ومن وسائل النصرة. الحذر والبعد عن الاستهزاء بشيء من سنته.
ومن وسائل النصرة محبة آل بيته من أزواجه وذريته ، والتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولإسلامهم
. ومن وسائل النصرة محبة أصحابه وتوقيرهم واعتقاد فضلهم على من جاء بعدهم في العلم والعمل والمكانة عند الله تعالى.
. ومن وسائل النصرة تربية الأبناء على محبة الرسولصلى الله عليه وسلم.
‌ ومن وسائل النصرة العمل على إقامة المعارض المدرسية والجامعية التي تعرف بالرسول صلى الله عليه وسلم
‌ ومن وسائل النصرة تخصيص أركان خاصة في المكتبات تحوي كل ماله علاقة بالرسول وسيرته والاهتمام به وجعلها في مكان بارز.
‌ ومن وسائل النصرة التحذير في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة من الغلو فيه ، وبيان الآيات التي تنهي عن الغلو فيه صلى الله عليه وسلم وبيان أن المحبة الصادقة هي في اتباعه.
ومن وسائل النصرة :‌إنشاء مواقع على الإنترنت متخصصة في السيرة والسنة النبوية الشريفة.
ومن وسائل نصرته إقامة الدعاوى القضائية على الساخرين منه والمنتقدين له صلى الله عليه وسلم
إن الواجب علينا جميعاً – كلٌ حسب استطاعته – أن ننصر نبينا وأمامنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، جعلنا الله جميعا من أنصار محمد صلى الله عليه وسلم وسقانا من حوضه وجمعنا به في جنته.

المصدر: منتدى نور اسلامنا

Share Button
error: Content is protected !!