مقتطف من كتاب التكامل أو الفناء.. الإدارة الإستراتيجية بالتكامل ©MBI
Integration or death.. Strategic Management by Integration
تأليف : زاهر بشير العبدو*
الرئيس المؤسس لـ منظمة الإدارة العربية
مُحاضر و مُطَّوِر نظرية الإدارة الإستراتيجية التكاملية ©MBI
استنبول – 2019
التحليل الإستراتيجي هو المرحلة الثانية من مراحل صياغة الإستراتيجية وفق نموذج ©IMM و لتحديد القاعدة و المرتكزات المثلى لتثمير مرحلة التحليل، لابد أن نستعرض أولاً أهم القواعد المعمول بها «مثل قاعدة SWOT وقاعدة PEST و PESTEL و ما قدمه بورتر لتحليل المنافسة» بهدف الوقوف على مدى كفاءة وفعالية كل منهم و القصور الذي يعتريها في الوصول إلى التثمير المنشود، وذلك تمهيداً لطرحنا لمفهوم التحليل الإستراتيجي ©ICG و تحليل المنافسة ©3C’s على الصعيد التشغيلي.
ما هو تحليل SWOT؟
بإختصار نقول.. تحليل SWOT يقوم على تحليل أربع محاور رئيسية في المنظمة وتتمثل في نقاط الضعف ونقاط القوة والفرص والتهديدات وكلمة SWOT جاءت من الأحرف الأولى لهذه المفرادات الاربع، كما يلي : «نقاط القوة S – نقاط الضعف W- الفرصO – التهديدات T» وكما هو واضح بالشكل 4-1-1 فإن نقاط القوة والضعف يتم الوصول إليها بتحليل البيئة الداخلية للمنظمة، بينما عنصري الفرص والتهديدات فهي من البيئة الخارجية للمنظمة، و بنظرة أخرى نلاحظ أن نقاط القوة والفرص تشكلان عناصر إيجابية في المنظمة على حين فإن عنصري الضعف والتهديدات تشكلان عناصر الضرر في المنظمة ولكنهما بنفس الوقت يمكن أن يشكلا مصدر مهم لأهداف الخطة التشغيلية.
السؤال الآن وقبل الغوص في مضمون العناصر الأربع هو التالي: لماذا نحلل هذه العناصر الأربعة؟ وما فائدة هذا التحليل؟ و ما الغاية التي نود الوصول إليها؟
طبعاً سيقول الجميع هو تحليل واقع المنظمة وتحليل الحالة…. نعم صحيح، ولكن كيف نستثمر هذه المعلومات؟ وكيف نستفيد منها بعد أن نحددها؟ و ما هي ضوابط مكونات كل منها؟
لقد طَرَحتُ هذه التساؤلات في كل مرة كنت أتطرق فيها لهذا التحليل في جميع برامجي و لقاءاتي التدربيبة… والنتيجة انني لم أحصل إلا مرات محدودة على إجابة دقيقة!!!!
نعم للأسف لأن جميع من درسها أو تعرف عليها فيما سبق لم يفكر بمفهوم السببية بل بمفهوم الكيفية، وهذا ما يفسر وقوع الغالبية بنفس الخطأ….حيث تَعَلم جميعهم أن هذا التحليل هو جهد فكري ينفذه فريق عمل الخطة، ويتم بموجبه الإتفاق على مجموعة مكونات في عنصر من العناصر الأربعة، و كان التحديد يتم حسب التوافق فيما بينهم دون وجود معيار مرجعي يحدد صحة تلك المكونات من عدمه «خلل -بُنّْيَوي- رقم 1».. وهذا بالتالي سينقلنا لمرحلة أخرى من تركيبة الخطأ حيث يتم إعداد تلك المكونات وإتمامها و إنتهى الأمر، وكأنها عملية حتمية كغاية بحد ذاتها«خلل -تطبيقي- رقم 2».. دون أن يتم الانتقال بتلك المكونات إلى مرحلة تحليلية أخرى… وهنا يكمن الخطأ.
نعم هنا مربط الفرس كما نقول… ولذلك بتحليلنا للتساؤلين أعلاه بخصوص ماهية ضوابط اعتماد مكونات كل عنصر، من جهة وآلية استثمارها لمرحلة تحليلية تالية، وفق صياغة فكرية منطقية تعتمد المفهوم السببي Know Why وليس الاكتفاء بمفهوم الكيفية Know How ولذلك فإن تحديدنا لهذه المكونات تحدده :
أولاً : الغاية
من تحديد مكونات عناصر SWOT الاربعة هي أن تشكل منطلق لمرحلة استنباط أهداف منها، نعم أصدقائي تحليل SWOT ليس غاية بحد ذاته بقدر ما هو مرحلة تحليلية يفترض أن تليها مرحلة استنباط الأهداف من مكونات تلك العناصر، لأننا كما أوردنا فيما سبق فإن عملية التحليل «تحليل الواقع» تكون بهدف الوصول إلى تحديد الأهداف على أسس ومصادر سليمة لموارد المنظمة «نقاط القوة ونقاط الضعف» والمتغيرات الخارجية التي تؤثر فيها «الفرص والتهديدات» تُستَنبَط من تحليل تلك العناصر الأربعة.
ثانياً: الضوابط
تتحدد ضوابط مكونات عناصر SWOT لتحديد الأهداف بـ:
نقاط القوة :
هي نقاط التَمَيُّز الداخلية لدى المنظمة عن منافسيها، أي تلك التي تتوفر لدى المنظمة ولا تتوفر لدى منافسيها، بمعنى أنه لا يمكن اعتبار توفر السيولة النقدية مثلاً لدى المنظمة كنقطة قوة رغم توفرها إذا كانت تتوفر لدى المنافسين، لأننا في هذه المهمة نهدف إلى الوصول لكل ما يمكن أن يشكل منطلق لهدف، ولسنا في مهمة تعداد لنقاط القوة للمنظمة بشكل عام، ولذلك يجب أن تقتصر هنا مكونات هذا العنصر على قائمة قصيرة قد لا تتجاوز ثلاثة إلى خمس مكونات، وفي حال توفر أكثر من ذلك فإنه يفترض التركيز وإبقاء الأكثر أهمية نسبية منها لتطوير المنظمة.
نقاط الضعف:
هي نقاط التَمَيُّز لدى المنافسين والتي لا تتوفر في المنظمة، أي تقتصر مكونات هذا العنصر على أهم نقاط تميُّز المنافسين، وبحيث لا يتجاوز عددها خمسة عناصر على أقصى تقدير، وذلك وفق نفس المفهوم، لأن الغاية من تحديد نقاط ضعف منظمتنا هو تحديد ما ينقصنا عن منافسينا، و وضعه كأهداف للتغلب على ذلك القصور.
إذا نقاط القوة و نقاط الضعف يجب أن يقومان على تحليل مكونات البيئة الداخلية، ويولدان الأهداف التشغيلية بمقارنتهما مع نظرائهما من المنافسين، أي يفترض أن يقومان على تحليل البيئة الداخلية والتنافسية، وهذا سبب آخر للخلل في تطبيق هذه القاعدة عند غالبية العارفين بها، أو العاملين بموجبها، «خلل -بُنّْيَوي- رقم 3»…
كما يمكننا القول بأنه توليد الأهداف التشغيلية من تحليل البيئة الداخلية فقط ممكن فيما إذا اعتمدنا على تحليل التطور التاريخي للنتائج المتحققة للمنظمة ونسب تطورها، إلا أن صحة هذا القول مشروط بثبات متغيرات البيئة التنافسية، وهذا غير ممكن عملياً في واقع الحال غالباً، وهذا خلل آخر «خلل -بُنّْيَوي- رقم 4»…
الفرص :
وهي كل ما يمكن أن يحقق فرصة تطوير أفقي أو عمودي في مخرجات المنظمة وفي نوعية تلك المخرجات، على أن تأخذ بعين الاعتبار خطط وتطلعات وقدرات المنافسين على إستثمار هذه الفرص من عدمه، وهنا ايضاً يمكن الوصول إلى قائمة مختصرة بأهم مكونات هذا العنصر لتكون أهداف مقترحة لخطة المنظمة، وهذا ما لا يتم في الواقع غالباً، نتيجة غياب الوعي التطبيقي بآلية تحقيق ذلك «خلل -تطبيقي- رقم 5»..
التهديدات :
وهي كل ما يمكن أن يشكل تهديد يَحُدّْ من قدرات المنظمة أو القطاع الذي تعمل ضمنه أو السوق الذي تستهدفه، ولَحظُ ذلك ضمن قائمة مختصرة لأهم تلك المكونات.
وهنا نلاحظ أيضاً بأن عنصري الفرص و التهديدات يجب أن تعتمدان على تحليل البيئة التنافسية وقدرات المنافسين من جهة، و تحليل مكونات البيئة العامة من جهة أخرى وفق مفهوم التحليل الإستراتيجي ©ICG وهذا قصور وخلل «خلل- بُنّْيَوي- رقم 6».. في قاعدة SWOT نتيجة عجزها على تحديد ضوابط مكوناتها بالبساطة التي بنيت عليها من الناحية العملية، وبات ترميم مضمامينها أكثر كلفة من تبني منهج تحليلنا الإستراتيجي المباشر والواضح والمحدد المكونات و الضوابط، على الصعيد الإستراتيجي، أو لجهة منهجنا في التحليل على الصعيد التشغيلي المبني على ثلاثية الشركة والمنافس والعميل ©3C’s الذي سنتاوله لاحقاً كما سنرى.
طبعاً قد يتساءل البعض عن سبب إصرارنا على الوصول إلى قائمة مختصرة لأهم مكونات تلك العناصر الأربعة، وجوابنا ببساطة هو أن وصولنا لأهم عشرين « أهم خمسة من كل عنصر من العناصر الأربعة» من مكونات عناصر SWOT يشكل قاعدة كافية لإستخلاص أهداف المنظمة في مرحلة التخطيط التشغيلي تغطي سنة ميلادية في غالب الأحوال، وبذلك تكون مرحلة التحليل بالاعتماد على تحليل SWOT قد أدت مهمتها بشكل جزئي، وسلطت بعض الضوء على طريق الانتقال إلى المرحلة التالية من تحليل تلك المكونات والتعبير عنها كأهداف تشغيلية مقترحة للمنظمة، بمعنى آخر أن تطبيق قاعدة SWOT بأفضل حالاتها لا تغدو سوى آداة مساعدة لتحديد الأهداف التشغيلية فقط، و غير قادرة على تحديد الأهداف الإستراتيجية بمفهومها الدقيق «خلل- بُنّْيَوي- رقم 7».. .
الملاحظ في الأمر بأن تحليل SWOT ناهيك عن تقادم مضمونه وعدم تناسبه إلى حد كبير مع متطلبات اليوم، فإن الكثير ممن تعرفوا عليه كأداة تحليل لوضع المنظمة، لاحظوا أن مفهومه يعتريه الكثير من عدم الدقة لتحديد مكونات عناصره الأربعة بشكل يحقق الغاية منه، وهو ما لمسته بشكل صارخ وغير مسبوق مع غالبية أن لم يكن كل من تعاملت معهم في حياتي العملية أو ممن حضروا أحد برامجي التدريبية التخصصية في الإدارة وتطبيقاتها.
ويعاب على تحليل SWOT بالإضافة لما سبق وذكرناه -من وجهة نظرنا- غياب تركيزها على أحد أهم أركان العملية التشغيلية وهي دراسة متطلبات وحاجات ورغبات العميل و المتغيرات التي طرأت عليها «خلل- بُنّْيَوي- رقم 8».. وهذا القصور يكون سببه عدم الحاجة لدراسة عنصر العملاء وكل ما يحيط بهم في الوقت الذي طرحت فيه هذ التحليل في عشرينيات القرن العشرين، حيث أن تطور الفكر الاداري لم يظهر الاهتمام بالعملاء كما هو الحال اليوم إلا بعد عقود عدة، وهذا القصور يكفي اليوم لعدم قبول تحليل SWOT بعد أن أضحى مفهوم العملاء مرتكز أساسي ومحوري وتوجيهي لمنظمات اليوم، ولاسيما بعد أن تَبَنَت الكثير من المنظمات شعار العميل أولاً، و بعد ظهور مفهوم التسويق الحديث والتسويق الاجتماعي و كثير من التطورات بهذا الخصوص… ناهيك عن القصور الشديد في سوء فهم تطبيق تحليل SWOT لدى غالبية من ما يزال يعتقد بأهميتها كأحد مراحل التخطيط «خلل- تطبيقي- رقم 9»…
إن قصور تحليل SWOT جعلنا نسعى لإيجاد منهج تحليل يعالج ذلك القصور ويقدم منهجاً متكاملاً لتحليل كل العناصر المؤثرة في تحديد أهداف المنظمة، وفي سياق هذا البحث وجدنا أنفسنا مضطرين للتمييز بين المنظمات التي تنتهج التخطيط الإستراتيجي كأساس لوضع خطة عملها، وبين المنظمات التي ما تزال تعمل على مستوى التخطيط التشغيلي وفق إمكانياتها الممكن تخصيصها في التحليل والتطوير.
ولهذا فقط طورنا منهج تحليل الموقف على المستوى التشغيلي 3C’s© Position Analysis و كذلك طورنا منهج تحليل الموقف على المستوى الإستراتيجي «ثلاثية التحليل الإستراتيجي ©ICG» وسنتاولنهما تباعاً في الفصل الخامس.
(*) المؤلف: زاهر بشير العبدو*
الرئيس المؤسس لـ منظمة الإدارة العربية
مُحاضر و مُطَّوِر نظرية الإدارة الإستراتيجية التكاملية ©MBI و منهج القيادة #Leadership_21
PDD©,IOS©,IMM©,ICG©, 3C’s©, PEE©, RCC©, ESS©, NDD©, CSR©, CFA©, PGT©, SED©, MSO©, ZEcards©, ABCD©, ZOWi’s©
باحث و محاضر في الإدارة و التخطيط الإستراتيجي والتنمية البشرية
مدرب و إستشاري معتمد لدى أهم الشركات في سورية، مصر، اليمن، العراق، ليبيا، السودان، الأردن، تونس و جميع دول الخليج العربي.
***
للحصول على نسخ من كتاب
التَكَامل أو الفَناء.. الإدارة الإستراتيجية بالتكامل
http://bit.ly/2FAW0nG
نسخة مطبوعة مع شحن مجاني $ 34,12 / نسخة الكترونية $ 14,11
#استنبول_تركيا #زاهر_بشير_العبدو #استراتيجيات_القيادة #برامج_تدريب #دورات_تدريبية_استنبول
#zaher_basheer_alabdo #trainer#training #management #leadership نشاطه الإعلامي – زاهر بشير العبدو https://zaherabdo.com/?page_id=9 من مؤلفاته – زاهر بشير العبدو https://zaherabdo.com/?page_id=17 برامجه التدريبية – زاهر بشير العبدو https://zaherabdo.com/?page_id=11